ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف قصّة فتية مؤمنين كانوا في الزّمان الغابر، وقد كانت قصّتهم آيةً من آيات الله تعالى ودليلًا على قدرته سبحانه في مسألة الموت والبعث، فما هي قصّة هؤلاء النّفر المؤمنين؟ وكم كانت مدّة نومهم في الكهف؟
مدينة أهل الكهف ممّا يروى عن قصّة أهل الكهف أنّ حاكمًا من الرّومان يُدعى دقيانوس كان يحكم مدينة تدعى افسوس، وقد كان أهل هذه المدينة يعتنقون الدّين المسيحي الذي كان دين أجدادهم وآبائهم منذ أن بعث الله رسوله ونبيّه عيسى عليه السّلام إلى النّاس، ولقد سنّ هذا الحاكم المتجبّر قوانين ظالمة؛ حيث كان يجبر النّاس على اعتناق أفكاره وعقائده التي انحرف فيها عن المنهج السّليم والدّين القويم، وكان هذا الحاكم لا يترك أحداً يدين بغير دينه أو يعتقد غير معتقداته، وممّا يروى عنه أنّه كان يقتل مخالفيه ويسجنهم حتّى يعودوا عما هم عليه.
قصة لجوء الفتية إلى الكهف في يومٍ من الأيام تناهى إلى مسامع دقيانوس أنّ نفرًا من الفتية صغار الأحداث قد تمسّكوا بالدّين الصحيح وأصبحوا يدعون النّاس إليه، وقد استدعاهم الحاكم واستفسر عن دينهم وحالهم وأمهلهم فترةً من الوقت حتّى يعودوا عن معتقداتهم، وبعد أن خرج الفتية من مجلسه تفكّروا في أمرهم وكيف تكون النّجاة من بطش الحاكم، فقرّروا أن يخرجوا من قريتهم حتّى يشاء الله سبحانه أن تتغيّر أحوال قومهم ويزول ملك الحاكم الظّالم دقيانوس، وفي رحلتهم وجدوا كهفًا في منطقة تسمّى الرّقيم في الأردن، وفي الكهف وجد الفتية ما لذّ وطاب من أنواع الطّعام والشّراب فقرّت لذلك عيونهم وهدأت جوارحهم.
مدة نوم الفتية في الكهف بينما الفتية المؤمنون في كهفهم شاء الله تعالى أن يضرب على آذانهم فيناموا نومةً طويلة ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنّها كانت ثلائمئة سنة وتسعة أيام. قال تعالى (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً )، ولقد كان نومهم في الكهف آية من آيات الله سبحانه وتعالى التي تدلّ على قدرته سبحانه في الإماتة والإحياء والبعث والنّشور، وقد كانوا في نومهم على هيئةٍ عجيبة؛ حيث كانوا يتقلّبون وأعينهم مفتوحة، كما كانت الشّمس في شروقها وغروبها تميل عنهم حتّى لا تؤذي أجسادهم، وكلبهم الذي معهم باسطٌ ذراعيه، ولو اطلع الإنسان عليهم وهم على هذه الحال لولّى منهم فراراً ولملىء قلبه رعبًا من هذا المشهد المهيب.
وبعد انقضاء فترة نوم الفتية في الكهف شاء الله أن يستيقظوا من رقادهم ليعلم قومهم بحالهم وما حصل لهم فيكونون آيةً للنّاس إلى قيام السّاعة
____________________________________________
فلماذا قال الله فضربنا على آذانهم ولم يقل فضربنا على سمعهم ؟
حيث إن هذا العصب له قسمان
الأول مسؤول عن السمع والثاني مسؤول عن التوازن في الجسم داخليا وخارجيا ولذلك قال الباري عز وجل (فضربنا على آذانهم) ولم يقل (فضربنا على سمعهم) أي إن التعطيل حصل للقسمين معا وهذا الجهاز الهام مسؤول أيضا عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة والإحساس بالمحفزات جميعا وفي حالة تعطيله أو تخديره يدخل الإنسان في النوم العميق وتقل جميع فعالياته الحيويه وحرارة جسمه كما في حالة السبات والانقطاع عن العالم الخارجي قال تعالى (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً) والسبات هو النوم والراحه (والمسبوت) هو الميت أو المغشى عليه.
____________________________________________
وهل تغير شكل أصحاب الكهف ؟
ولماذا قلبهم ذات اليمين وذات الشمال ؟
لم يتغير اصحاب اهل الكهف لانهم ناموا شُبان واستيقظوا شُبان وهذه من حكمة الله ليعلموا انهم ناموا فقط بضعة أيام.
وكان الله يقلبهم يميناً ويساراً بقوله تعالى ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾، وهو أن تقلبهم كان لجهة اليمين واليسار، والذي يقلبهم هو الله سبحانه، بإرسال ملك لتقلبيهم، وأن التقليب كان مرتين في كل سنة أو في مدة رقتدتهم كلها، وعللوا ذلك التقليب بأنه لئلا تأكلهم الأرض.