ما هي الأشعة الكونية ؟

ما هي الأشعة الكونية ؟

إن الأشعة الكونية هي عبارة عن شظايا ذرية تسقط على الأرض وهي قادمة من خارج النظام الشمسي، وهي تحترق بسرعة الضوء وتسبب مشاكل للإلكترونيات في الأقمار الصناعية والآلات الأخرى.

لقد اكتشفت الأشعة الكونية لأول مرة في عام 1912، وبعد مرور أكثر من قرن من الزمن لا تزال العديد من الأسئلة حول الأشعة الكونية تشكل لغزًا لم يتمكن حلهُ بعد، على سبيل المثال من أين أتت هذه الأشعة الكونية بالضبط ، ويشتبه معظم العلماء بأن أصول الأشعة الكونية ذات صلة بانفجارات سوبر نوفا (الانفجارات النجمية)، ولكن يكمن التحدي في أن أصول الأشعة الكونية تبدو موحدة عندما تنظر عبر السماء بأكملها.

تاريخيًا

في حين أنه تم اكتشاف الأشعة الكونية عام 1900, فقد رصد العلماء شيئًا غامضًا في أوائل عام 1780, عندما لاحظ الفيزيائي الفرنسي (تشارلز أوغستين دي كولومب – Charles-Augustin de Coulomb) – والذي اشتهر بوضع اسمه على وحدة لشحنة الكهرباء – رصد كولومب ظهور مجال كهربائي مشحونًا و بشكل مفاجئ اختفى ذلك المجال.

كان يعتقد في ذلك الوقت أن الهواء عازل للكهرباء، وبعد بذل المزيد من الجهود، اكتشف العلماء أن الهواء يستطيع توصيل الكهرباء في حال قمنا بشحن أو تأيين جزيئاته، ويحدث ذلك عادةً عندما تتفاعل جزئيات الهواء العازلة (الغير مشحونة) مع الجزئيات الهواء المشحونة أو مع أشعة إكس.

ولكن من أين جاءت تلك الجسيمات المشحونة، لقد كان ذلك لغزًا حير العلماء وقتها، بالرغم من استخدام كميات كبيرة من الرصاص المفرغة تمامًا من الهواء، بتاريخ في 7 أغسطس 1912، حلّق الفيزيائي (فيكتور هيس -Victor Hess) داخل منطاد وذلك على ارتفاع عالٍ بلغ 17،400 قدم (5،300 متر)، واكتشف أن نسبة الإشعاعات المؤينة على ذلك الارتفاع تزيد بثلاث مرات عن نسبها على سطح الأرض، مما يؤكد أن الإشعاعات المؤينة قادمة من الفضاء الخارجي.

لقد استغرق تتبع الأشعة الكونية ” قصة النشأة” أكثر من قرن، في عام 2013 قدم تلسكوب وكالة ناسا “فيرمي” والذي يرصد أشعة غاما نتائج عملية رصد لبقايا مستعرين أعظمين (سوبر نوفا) يعقان في مجرة درب التبانة واسمهما IC 433 / W44

إن فوتونات أشعة غاما هي من بين منتجات الانفجارات النجمية، والتي لا تتأثر بالمجالات المغناطيسية (على عكس الأشعة الكونية).

لقد تم دراسة أشعة غاما وتبين أن لها مستوى من الطاقة مطابقة للجسيمات دون الذرية والتي تسمى البيونات المحايدة.

يتم إنتاج البيونات عندما تدخل ضمن المجال المغناطيسي لموجة صدمة مستعر أعظم (سوبر نوفا) مما يؤدي إلى أن تتحطم مع بعضها البعض.

وبعبارة أخرى، أظهرت مستويات الطاقة بأن البروتونات تستطيع أن تتحرك داخل المستعر الأعظم وذلك بسرعة كافة لإنتاج الأشعة الكونية.

العلم حاليًا

نعلم اليوم بأن أشعة المجرة الكونية هي عبارة عن شظايا ذرية حيت تتكون من جسميات مثل البروتونات (الجسيمات المشحونة إيجابيًا) والإلكترونات (الجسيمات المشحونة سلبيًا) والنوى الذرية، ونعلم أنه يمكن أن تنشأ ضمن المستعر الأعظم، ربما قد يكون هناك مصادر أخرى للأشعة الكونية، كما أنه ليس من الواضح كيف يمكن للمستعر الأعظم أن يسرع الأشعة الكونية للوصول إلى تلك السرعات العالية.

تتساقط الأشعة الكونية باستمرار على الأرض، تصطدم الأشعة الكونية (الأولية) ذات الطاقة العالية بذرات الموجودة في الغلاف الجوي العلوي للأرض ونادرًا ما تنجو هذه الأشعة (الأولية) من تلك التصادمات وتصل إلى سطح الأرض، بينما تقذف أشعة (ثانوية) ناتجة من هذه التصادمات وتصل إلينا على سطح الأرض.

ومع مرور الوقت وتواصل انهمار الأشعة الكونية (الثانوية) على سطح الأرض، فإنه من المستحيل تتبع منشأ هذه الأشعة، وذلك لأن مسار هذه الأشعة تغير عند مرورها عبر المجالات المغناطيسية المتعددة (المجرة، والنظام الشمسي، والأرض نفسها).

ووفقًا لوكالة ناسا، فإن الأشعة الكونية تأتي بشكل متماثل من جميع اتجاهات السماء.

لذا يحاول العلماء تعقب أصول الأشعة الكونية من خلال معرفة المواد التي تصنع منها الأشعة الكونية.

حيث يمكن للعلماء أن يتعرفوا على تلك المواد من خلال رصد (إشارة) الطيف والذي يميز نوع كل نواة في الإشعاع، وأيضًا عن طريق وزن نظائر مختلفة (أنواع) العناصر التي تصيب أجهزة كشف الأشعة الكونية.

أكدت نتائج هذه التجارب الواردة من وكالة ناسا بأن العناصر المكونة للأشعة الكونية هي شائعة جدًا، ما يقرب من 90 % من نوى الأشعة الكونية هي الهيدروجين (البروتونات) و9 % هي الهيليوم (ألفا الجسيمات).

الهيدروجين والهيليوم هي العناصر الأكثر وفرة في الكون، ومنشأ هذه الأشعة هي النجوم والمجرات والبنى الكبيرة الأخرى.

أما النسبة الباقي 1% متوزعة على باقي العناصر الكيميائية.

وقد استطاع العلماء أن يتعرفوا على تاريخ الأشعة الكونية عن طريق رصد النشاط الإشعاعي للنوى المشعة والذي ينخفض بمرور الوقت، إن قياس “نصف عمر” لكل نوى يعطي تقديرًا للمسافة التي قطعتها الأشعة الكونية في الفضاء للوصول إلينا.

تأثير الإشعاع الكوني

يحمي المجال المغناطيسي والغلاف الجوي للأرض 99.9 % من الإشعاع القادم من الفضاء، على كل حال، إن الأشعة الكونية ستشكل خطرًا كبيرًا على الأشخاص الذين يسافرون خارج نطاق حماية المجال المغناطيسي للأرض، لقد قاست الأجهزة الموجودة على متن مركبة الفضاء الجوالة في المريخ (كوريوسيتي مارس) خلال رحلتها إلى المريخ من الأرض والتي امتدت زهاء 253 يوم، إن جرعة الإشعاع التي يتلقاها رائد فضاء في أقصر رحلة ذهابًا وإيابًا بين الأرض والمريخ ستكون حوالي 0.66 سيفرت، هذه الجرعة تكون مماثلة لتعرض كامل جسم الإنسان للأشعة الفحص المقطعية كل خمسة أو ستة أيام.

إن تلقي جرعة إشعاع تبلغ 1 سيفرت يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان مميت بنسبة 5,5%، وتبلغ جرعة الإشعاع العادية التي يتلقها الشخص كل يوم 10 ميكرو سيفرت (0.00001 سيفرت).

حتى على سطح القمر والذي يمتلك مجال جوي ومغناطيسي ضعيفين جدًا.

فإن على رواد الفضاء أن يوفروا لأنفسهم طرق لحماية أنفسهم من خطر الإشعاع الكوني وذلك على سبيل المثال بحفر مستعمرات داخل القمر لتأمين حماية لهم من الإشعاعات.

وبالانتقال إلى كوكب المريخ والذي لا يمتلك أي مجال مغناطيسي، فإن جزئيات الإشعاع القادمة من الشمس قد جردت الكوكب من معظم غلافه الجوي، مما أدى إلى تدهور في مستوى الحماية ضد الإشعاعات الكونية على سطحه، إن أعلى ضغط جوي مسجل على الكوكب الأحمر يماثل الضغط الجوي المسجل على الأرض وذلك على ارتفاع 22 ميل (35 كيلومتر) فوق سطح الأرض، ويمكن الحصول على حماية أفضل قليلاً هناك وذلك عند الصعود إلى ارتفاعات منخفضة.

تم عمل هذا الموقع بواسطة